غوتيريش يحذر: صناعة الأزياء تلوث البيئة بمعدلات غير مسبوقة
غوتيريش يحذر: صناعة الأزياء تلوث البيئة بمعدلات غير مسبوقة
حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من التداعيات البيئية المدمرة لصناعة الأزياء، مشيراً إلى أن كميات الملابس التي تُحرق أو تُرمى كل ثانية تكفي لملء شاحنة قمامة، مما يعكس حجم الأزمة المتفاقمة في قطاع الموضة السريعة.
جاء ذلك خلال فعالية عُقدت الخميس بمقر الجمعية العامة للأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الهدر، بحضور السيدة الأولى لتركيا، أمينة أردوغان، التي كانت بلادها صاحبة المبادرة لاعتماد هذا اليوم بقرار من الجمعية العامة في ديسمبر 2022، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
تلوث هائل واستهلاك مفرط للموارد
أكد غوتيريش أن صناعة الأزياء تُعد من أكثر القطاعات تلويثًا للبيئة، إذ تسهم بما يصل إلى 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، وتستهلك 215 تريليون لتر من المياه سنويًا، أي ما يعادل 86 مليون مسبح أولمبي، بالإضافة إلى استخدامها آلاف المواد الكيميائية، بعضها يشكل خطراً على صحة الإنسان والأنظمة البيئية.
ورغم هذه الأرقام الصادمة، تستمر الملابس في الإنتاج والتخلص منها بوتيرة متسارعة، مدفوعة بنماذج أعمال تركز على السرعة وسهولة التخلص من المنتجات على حساب الاستدامة.
أزمة عالمية تتجاوز قطاع الموضة
وأشار غوتيريش إلى أن أزمة الهدر في عالم الموضة ليست سوى انعكاس لمشكلة أوسع، حيث يُغرق العالم الغني الدول النامية بالنفايات، من الأجهزة الإلكترونية القديمة إلى البلاستيك المستخدم لمرة واحدة، وأضاف أن العديد من الدول تفتقر إلى البنية التحتية لمعالجة هذه النفايات، مما يزيد من التلوث ويؤدي إلى ظروف عمل خطرة لجامعي النفايات.
وفي هذا السياق، يسلط اليوم الدولي للقضاء على الهدر هذا العام الضوء على قطاع الموضة، في محاولة لمواجهة مستويات استهلاك الموارد والتلوث الهائلة التي تؤدي إلى التخلص من الملابس بعد ارتدائها لمرات قليلة فقط.
حلول للاستدامة ودور المستهلك
يؤكد الخبراء أن مضاعفة عمر الملابس يمكن أن تقلل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 44%، وشدد غوتيريش على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة لمكافحة الهدر، مشيرًا إلى أن مصممي الأزياء بدؤوا بالفعل في تجربة استخدام المواد المعاد تدويرها، فيما تشهد أسواق الملابس المستعملة ازدهارًا ملحوظًا.
ودعا الحكومات إلى وضع سياسات تعزز الاستدامة، وطالب الشركات بتجاوز "التضليل البيئي" واتخاذ خطوات فعلية نحو تقليل الهدر، وزيادة معدلات التدوير، وتحسين كفاءة استخدام الموارد.
مسؤولية جماعية لبناء مستقبل مستدام
أكد غوتيريش أن مكافحة الهدر تتطلب تعاونًا عالميًا يتجاوز قطاع الموضة، مشيرًا إلى أن أكثر من مليار شخص يعيشون في مستوطنات عشوائية تفتقر إلى إدارة سليمة للنفايات، ما يفاقم التلوث ويؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي.
وفي ختام حديثه، حثّ الأمين العام الجميع على تبني أنماط استهلاك مسؤولة والمساهمة في بناء عالم أكثر استدامة، مؤكدًا أن مستقبل الكوكب مرهون بقرارات الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
في 14 ديسمبر 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا في دورتها السابعة والسبعين لإعلان يوم 30 مارس يومًا دوليًا للقضاء على الهدر، وأن يُحتفل به سنويًا، وتقدمت تركيا مع 105 دول أخرى بمشروع القرار، الذي يتبع قرارات أخرى تركز على الهدر، بما في ذلك القرار المعنون "القضاء على التلوث بالمواد البلاستيكية: نحو وضع صك دولي ملزم قانونا" الذي اعتمدته جمعية الأمم المتحدة للبيئة التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في 2 مارس 2022.
وللاحتفال بهذا اليوم، دعت الجمعية العامة الدول الأعضاء، وكيانات منظومة الأمم المتحدة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص، والأوساط الأكاديمية، والشباب، وأصحاب المصلحة الآخرين للمشاركة في أنشطة تهدف إلى إذكاء الوعي بالمبادرات الوطنية ودون الوطنية والإقليمية والمحلية الرامية إلى القضاء على الهدر وبمساهماتها في تحقيق التنمية المستدامة. ويشترك برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة) في تيسير الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الهدر.